قواعد عامة في الرد على شبهات النصارى بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد .. لابد أولا من تحليل ظاهرة الشبهات،فالشبهة هي محاولة إحداث خلل في فهم وتناول النصوص، من خلال التأثير على النص الأصلي لاختلاق تناقض في المعنى بأساليب متعددة.. منها: - انتزاع النص وبتره من سياقه الأصلي.. - الزيادة أو النقصان من ألفاظ النص.. - إفقاد النص مقوماته الأساسية وتحويره واستباقه بمقدمات مصطنعة لدفع الفهم باتجاه مُعيَّن.. - تضييع إحداثيات النص وإخراجه من إطار الإحكام المنهجي الإسلامي.. - حشد وتجميع النصوص المدسوسة وتقديمها على أنها نصوص قطعية.. - إلزام النص بما ليس من لوازمه.. ومن حيث الواقع الذي تُلْقى فيه الشبهات: فهناك عوامل أساسية لتفسير أسباب ظهور الشبهات وتأثيرها.. وهي: قلة العلم، غلبة الجهل، وشيوع الفواحش والكبائر.. يقول الإمام ابن القيم: (لما كان القلب يوصف بالحياة وضدها انقسم بحسب ذلك إلى هذه الأحوال الثلاثة.. صحيح ومريض وميِّت.. فالقلب الصحيح: هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، كما قال تعالى: { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 88، 89]. وقد اختلفت عبارات الناس في معنى القلب السليم، والأمر الجامع لذلك: أنه الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره.. فسَلِمَ من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله.. ولهذا يفسر المرض الذي يعرض له تارة بالشك والريب، كما قال مجاهد وقتادة في قوله تعالى: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } [البقرة: 10] أي: شك، وتارة بشهوة الزنا، كما فسر به قوله تعالى: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب: 32]، فالأول مرض الشبهة، والثاني مرض الشهوة، والصحة تحفظ بالمثل، والشُّبَهُ والمرض يدفع بالضد والخلاف، وهو يقوى بمثل سببه، ويزول بضده، والصحة تحفظ بمثل سببها، وتضعف أو تزول بضده، ولما كان البدن المريض يؤذيه ما لا يؤذي الصحيح: من يسير الحر والبرد والحركة ونحو ذلك- فكذلك القلب إذا كان فيه مرض آذاه أدنى شيء: من الشبهة أو الشهوة، حيث لا يقوى على دفعهما إذا وردا عليه، والقلب الصحيح القويُّ يطرقه أضعاف ذلك، وهو يدفعه بقوته وصحته. ومرض القلب نوعان: نوع لا يتألم به صاحبه في الحال، وهو النوع المتقدم كمرض الجهل، ومرض الشبهات والشكوك، ومرض الشهوات، والنوع الثاني: مرض مؤلم له في الحال.. كالهم والغم والغيظ، وهذا المرض قد يزول بأدوية طبيعية.. كإزالة أسبابه، أو بالمداواة بما يضاد تلك الأسباب، وما يدفع موجبها مع قيامها. وكما أن القلب قد يتألم بما يتألم به البدن، ويشقى بما يشقى به البدن- فكذلك البدن يتألم كثيرًا بما يتألم به القلب، ويشقيه ما يشقيه، وكذلك الشاكُّ في الشيء المرتاب فيه يتألم قلبه حتى يحصل له العلم واليقين، ولما كان ذلك يوجب له حرارة.. قيل لمن حصل له اليقين: ثلج صدره، وحصل له برد اليقين.. وهو كذلك يضيق بالجهل والضلال عن طريق رشده، وينشرح بالهدى والعلم، قال تعالى: { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } [الأنعام: 125]. وأعداؤنا بما يحي الشيطان اليهم يعلمون ذلك فلم أحدثوا موجة الشبهات إلا بعد أن أحدثوا موجة الشهوات، ومن هنا يدخل في واجب محاربة الشبهات محاربة أي منكر يراه المسلم. المنهج العلمي في التعامل مع الشبهات وهناك عدة قواعد علمية تحدد الأسلوب السليم للتعامل مع الشبهات، ابتداءً من بحث صحة النص وتوثيقه، ومرورًا بتجريده من عوامل التحريف والتحوير، وانتهاءً بالالتزام بالفهم السلفي في معالجة وتفسير النصوص، والذي يرتكز على عدة قواعد: الأولى: رد المتشابه إلى المحكم، تطبيقًا لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } [آل عمران:7] فإذا اشتبه علينا معنى "كلمة الله" و"روح منه" في قوله تعالى: { إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } [النساء: من الآية171] عدنا إلى محكم قوله سبحانه: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 59] فنفهم أن عيسى خُلِقَ بكلمة الله "كن" تمامًا مثلما خلق بها آدم. وكذلك عدنا إلى قوله تعالى: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ } [الجاثية: 13] لنفهم أن الإضافة بـ "مِنْهُ" إضافة ربوبية وخلق، لا إضافة تبعيض وتركيب، وهكذا يُفسَّرُ المتشابه بالمحكم. الثانية: رد الشبهة لعدم معقوليتها.. كزعمهم بوجود أخطاء نحوية في القرآن، وذلك لأن علم النحو الذي يحاكمون القرآن إليه إنما وضعه علماء اللغة بناءً على كلام العرب وأشعارهم في الحواضر والبوادي، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو واحد من هؤلاء الذين تربوا في البوادي وكانوا مرجعا لعلماء النحو في تقعيد قواعده ، والذين تلقوا القرآن لأول مرة هم أيضًا من هؤلاء، فيصير من غير المعقول أن يتلقى هؤلاء جميعًا خطأ ما في الكلام دون أن ينتبهوا إليه، وهم الحجة الطبيعية لعلماء النحو واللغة..! فتصير الشبهة منطقًا معكوسًا ومتناقضًا مع ذاته. الثالثة: تحديد منزلة الشبهة وتصنيفها: فينبغي التركيز على قضايا العقيدة وإثبات الوحي والنبوة والمعاد على غيرها من القضايا. الرابعة: إظهار التناقضات بجوار رد الشبهات؛ لأن إظهار التناقضات يخرج المسلم من دائرة الإحساس بالاتهام والدفاع في مواجهة الآخر، وما يترتب على ذلك من الهزيمة النفسية للمدافع، وشعور الانتصار عند المهاجم.. الخامسة: التفريق بين نص الوحي وفهم المسلمين؛ لأن الأول: معصوم يحدد إطار الإسلام وقيمه، والثاني: عمل بشري خاضع لاحتمال الصواب والخطأ. فبينما تقتصر الحجية في الجانب الإسلامي على كلام الله وما صحت نسبته إلى رسوله نجد أن النصارى يؤمنون بعصمة باباواتهم، وأنهم لا يتكلمون إلا بقوة "روح القدس". السادسة: مراعاة الفرق بين الطرح العلمي وطرح المواجهة، فعند تفنيد الشبهات والرد عليها ينبغي أن يتصف الرد بالاختصار والإحكام والبساطة والتلقائية، الأمر الذي يختلف عن الطرح العلمي التفصيلي دون مراعاة لعقول المخاطبين، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً". عنما تثار شبهة كيف أن الله يضل من يشاء..لايمكن أن يكون الرد هوشرح قضية القدر والمشيئة في الإسلام. ولكن أسأل سؤالا:- هل يكون شيء بغير مشيئة الله؟ لابد أن تكون الأجابة : لا هل هناك من الناس من يضل؟ لابد أن تكون الإجابة : نعم إذن لايكون هذا الذي يضل الا بمشيئة الله لابد من طرح الردود على الشبهات بكثافة إعلامية عالية بحيث تزاحم الإثارة الإعلامية التي تحدثها الشبهات،وتتغلب عليها فتشاع الردود بين المسلمين لتحميهم من الشبهات ويجب التفريق بين البحث الفكري و المواجهة وبذل أكبر قدر من الإثارة العاطفية عند المسلمين ناحية إسلامهم باعتبار أن هذه العاطفة هي التي تقاوم الإغراء والمال والشهوات والربط بين الشبهات واظهار الإسلام حتي لاتؤثر دراسة لشبهات على القلوب.